سورة البقرة - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (البقرة)


        


{فبدَّل الذين ظلموا قولاً} منهم {غير الذي قيل لهم} أَيْ: غيَّروا تلك الكلمة التي أُمروا بها، وقالوا: حنطةٌ {فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً} ظلمةً وطاعوناً، فهلك منهم في ساعة واحدة سبعون ألفاً جزاءً لفسقهم بتبديل ما أُمروا به من الكلمة.
{وإذ استسقى موسى لقومه} في التِّيه {فقلنا اضرب بعصاك الحجر} وكان حجراً خفيفاً مربَّعاً مثل رأس الرَّجل {فانفجرت} أيْ: فضربَ، فانفجرت، يعني: فانشقَّت {منه اثنتا عشرة عيناً} فكان يأتي كلُّ سبط عينَهم التي كانوا يشربون منها، فذلك قوله تعالى: {قد علم كلُّ أناسٍ مشربهم} وقلنا لهم: {كلوا} من المنِّ والسَّلوى {واشربوا} من الماء، فهذا كلُّه {من رزق الله} {ولا تعثوا في الأرض مفسدين} أَيْ: لا تسعوا فيها بالفساد، فَمَلُّوا ذلك العيش، وذكروا عيشاً كان لهم بمصر.


فقالوا: {يا موسى لن نصبر على طعام واحد} يعني: المنَّ الذي كانوا يأكلونه والسَّلوى، فكانا طعاماً واحداً {فادع لنا ربك} سله وقل له: أَخرِجْ {يُخرجْ لنا مما تنبت الأرض من بقلها} وهو كلُّ نباتٍ لا يبقى له ساقٌ {وقثائها} وهو نوعٌ من الخضروات {وفومها} وهو الحنطة، فقال لهم موسى عليه السَّلام: {أتستبدلون الذي هو أدنى} أَيْ: أخسُّ وأوضع {بالذي هو خيرٌ} أَي: أرفع وأجلُّ؟ فدعا موسى عليه السَّلام فاستجبنا له وقلنا لهم: {اهبطوا مصراً}: أنزلوا بلدةً من البلدان {فإنَّ لكم ما سألتم} أَيْ: فإنَّ الذي سألتم لا يكون إلاَّ في القرى والأمصار {وضُربت عليهم} أَيْ: على اليهود الذين كانوا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم {الذلَّة} يعني: الجزيةَ وزيَّ اليهوديَّة، ومعنى ضرب الذِّلة: إلزامهم إيَّاها إلزاماً لا يبرح {والمسكنة} زي الفقر وأثر البؤس {وباؤوا} احتملوا وانصرفوا {بغضب من الله ذلك} أَيْ: ذلك الضَّرب والغضب {بأنّهم كانوا يكفرون بآيات الله} التي أُنزلت على محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم {ويقتلون النَّبيين} أَيْ: يتولَّون أولئك الذين فعلوا ذلك {بغير حق} أَيْ: قتلاً بغير حقٍّ، يعني: بالظُّلم {ذلك} الكفر والقتل بشؤم ركوبهم المعاصي وتجاوزهم أمر الله تعالى.
{إن الذين آمنوا} أَيْ: بالأنبياء الماضين ولم يؤمنوا بك {والذين هادوا} دخلوا في دين اليهوديَّة {والنصارى والصابئين} الخارجين من دين إلى دين، وهم قومٌ يعبدون النُّجوم {مَنْ آمن} من هؤلاء {بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً} بالإيمان بمحمَّدٍ عليه السَّلام؛ لأنَّ الدليل قد قام أنَّ مَنْ لم يؤمن به لا يكون عمله صالحاً {فلهم أجرهم عند ربِّهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون}.
{وإذ أخذنا ميثاقكم} بالطَّاعة لله تعالى والإيمان بمحمَّدٍ عليه السَّلام في حال رفع الطُّور فوقكم، يعني: الجبل، وذلك لأنَّهم أبوا قبول شريعة التَّوراة، فأمر الله سبحانه جبلاً فانقلع من اصله حتى قام على رؤوسهم، فقبلوا خوفاً من أن يُرضخوا على رؤوسهم بالجبل، وقلنا لكم: {خذوا ما آتيناكم} اعملوا بما أُمرتم به {بقوَّةٍ} بجدٍّ ومواظبةٍ على طاعة الله عزَّ وجلَّ {واذكروا ما فيه} من الثَّواب والعقاب {لعلكم تتقون}.


{ثمَّ توليتم بعد ذلك} أعرضتم عن أمر الله تعالى وطاعته من بعد أخذ الميثاق {فلولا فضل الله عليكم ورحمته} بتأخير العذاب عنكم {لكنتم من الخاسرين} الهالكين في العذاب.
{ولقد علمتم} عرفتم حال {الذين اعتدوا} جاوزوا ما حُدَّ لهم من ترك الصَّيد في السَّبت {فقلنا لهم كونوا} بتكويننا إيَّاكم {قردةً خاسئين} مطرودين مبعدين.
{فجعلناها} أَيْ: تلك العقوبة والمسخة {نكالاً} عبرةً {لما بين يديها} للأمم التي ترى الفرقة الممسوخة {وما خلفها} من الأمم التي تأتي بعدها {وموعظة} عبرةً {للمتقين} للمؤمنين الذين يتقون من هذه الأمَّة.
{وإذ قال موسى لقومه إنَّ الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} وذلك أنَّه وُجد قتيلٌ في بني إسرائيل ولم يدروا قاتله، فسألوا موسى عليه السَّلام أن يدعو الله تعالى ليبيِّن لهم ذلك، فسأل موسى ربَّه فأمرهم بذبح بقرةٍ، فقال لهم موسى عليه السَّلام: إنَّ الله يأمركم أن تذبحوا بقرة {قالوا أتتخذنا هزواً} أتستهزئ بنا حين نسألك عن القتيل فتأمرنا بذبح البقرة؟! {قال أعوذ بالله} أمتنع به أن أكون من المستهزئين بالمؤمنين، فلمَّا علموا أنَّ ذلك عزمٌ من الله عزَّ وجلَّ سألوه الوصف، فقالوا: {ادع لنا ربك} أَيْ: سله بدعائك إيَّأه {يبين ما هي} ما تلك البقرة، وكيف هي، وكم سنُّها؟ وهذا تشديدٌ منهم على أنفسهم {قال إنَّه يقولُ إنها بقرةٌ لا فارضٌ} مُسِنَّةٌ كبيرةٌ {ولا بكرٌ} فتيةٌ صغيرةٌ {عوانٌ} نَصَفٌ بين السِّنَّينِ {فافعلوا ما تؤمرون} فيه تنبيهٌ على منعهم.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9